كنت قد قرأت تغريدة جميلة تدعم موضوع هذه المقالة ومتعلقة بالمحتوى وأهمية توثيقه بدلاً من نشره في تغريدات أو منشورات هنا وهناك، حاولت أن أبحث عن تلك التغريدة، إستدعيت مهاراتي في لي عنق قوقل ليوصلني لما أريد بالضبط، وأمضيت بعض الوقت وأنا أحاول يمين شمال حتى تمكنت أخيراً من الوصول إلى تلك التغريدة التي نشرها الأخ “عصام حمود” ونصها كالتالي:
لا تقتلوا المحتوى بنشره كسلسلة تغريدات على تويتر، وثقوه بتدوينات أو بفيديوهات ليدوم عمره!
هذه الواقعة التي أستهل بها هذه المقالة ليست دون مغزى، بل أنا متعمد على إيرادها لأوضح لكم كيف أن المحتوى المنشور في الشبكات الاجتماعية عادة من يضيع في غياهب النسيان، صحيح أنه يبقى مخزوناً في مكانٍ ما داخل أحد السيرفرات العملاقة في أحد الـ(Data Centers) المنتشرة في البقاع الباردة في العالم، لكن المشكلة أنه يصعب علي وعليك الوصول إليه بسهولة، وذلك لأن فكرة شبكات التواصل قائمة على “التواصل” كما هو واضح من اسمها.
نحن لا نقول أن تلك المنصات ليست لنشر المحتوى، لكن نقول أنها ليست أفضل مكان يُكرَم فيه المحتوى الرقمي الجيد والمفيد، كما أنها يمكن أن تتكامل مع المحتوى النصي المنشور في المواقع التي يَسهُل أرشفتها من قِبَل محركات البحث (قوقل أهمها) وبالتالي يسهل الوصول إليها من قبل عموم المستخدمين.
الشبكات الاجتماعية فيها ميزة ولديها عيب، الميزة أنها الوسيلة الأفضل للوصول للجمهور وتحقيق الانتشار، فما تنشره يمكن أن يصل إلى أعداد كبيرة بجهود قليلة، لكن يعيبها أن ترتيب المحتوى قائم على أساس الزمن، فالمحتوى القديم يموت موتاً بطيئاً تدريجياً ويصبح من الصعب الوصول إليه.
وعلى الجانب الآخر لدينا المواقع والمدونات، المنزل الأصلي للمحتوى النصي، البيت الذي يسهل علينا ترتيبه وعلى محركات البحث أرشفته، ورغم ذلك نجد ونشاهد نزوح جماعي من تلك المنازل الرقمية وتوجه كبير نحو المنازل المؤقته، وقد يقول قائل ويبرر ذلك بأن الناس لم تعد تقرأ التدوينات، تريد ما خف وزنه وصغر حجمه من معلومات متناثرة هنا وهناك.
ولأجل هذه المشكلة فإننا نقدم هذه المقالة كحل لمن يشتكي من مشكلة ضعف الإقبال، وكيف يمكن خلق تكامل بين المواقع والمدونات من جهة وبين شبكات التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة من جهة أخرى، بحيث تكون تلك الشبكات مصدر متجدد للقُرّاء والزوار وتكون المواقع والمدونات منزلاً رقمياً يصان فيه المحتوى الرقمي ويُكرَم.
تسويق رقمي
لابد من المرور على هذه النقطة والتي قد تكون معروفة لدى الجميع، فهي الفائدة الواضحة للعيان والمستخدمة من قبل معضم صناع المحتوى، فقلّ أن تجد اليوم موقعاً أو مدونة وليس لديها واجهات أخرى في شبكات التواصل وخصوصاً في الفيسبوك وتويتر، وكل مقالة تنشر في الموقع يتم نشر رابطها في تلك الحسابات كي تجلب بعض الزيارات، فمن يريد متابعة مدونة أو شخص ما، فالأسهل له أن يتابع حسابه الشبكي كي يعرف جديد كتاباته حال نشرها.
ملخصات يوتيوبية
نأتي الآن لاستخدام واستثمار موقع اليوتيوب وكيف يمكن خلق التكامل والتعاون بينه وبين الموقع أو المدونة، فاليوتيوب ليس كغيره من شبكات التواصل، المحتوى فيه يبقى على قيد الحياة، بل أنه قد ينتعش ويزدهر أكثر مع تقدم الأيام والسنين، فالخوارزميات داخل المنصة تساهم في استكشاف المحتوى القيم ونشره بين المستخدمين (عبر التوصيات الاقتراحات) حتى وإن مرت عليه سنوات طويلة.
لكن تبقى المقالة النصية أو التقرير المكتوب هو الأصل، فأي فيلم وثائقي هو في الأساس قصة مكتوبة أو سيناريو كتبت فقراته بالتفصيل ثم استند المخرج عليها لبناء فيلمه، والفيديو التعليمي يستند لمرجع نصي في أغلب الأحوال.
الفكرة هي في ربط المقالة أو التدوينة بفيديو يتم نشره في اليوتيوب، يمكن أن يكون الفيديو ملخصاً لمحتويات المقالة (وخاصة عندما تكون مقالة طويلة)، ويتم ذكر رابط المقالة تحت الفيديو في منطقة الوصف، مع الإشارة داخل الفيديو للمقالة لمن أراد الرجوع والاستزادة، وبالتالي يحقق المدون فائدة مزدوجة ويساهم على جلب المزيد من الزوار من اليوتيوب بالإضافة إلى محركات البحث.
تغريدات مقتبسة
يحب الناس التغريدات المختصرة (زبدة الكلام) لذلك يحبون تويتر، لكن البعض قد يريد القراءة أكثر عن نفس الموضوع، ولأجل ذلك، لا تحرم القراء من الرجوع للمادة الأصلية التي تنشرها في موقعك أو مدونتك، أما في تويتر فيمكن أن تقتبس من كلامك بعض الخلاصات والفوائد وتنشرها اليوم وغداً وحتى بعد سنوات.
يمكن أن يكون تويتر وسيلة فعالة لإعادة تدوير المحتوى الرقمي، لبث الحياة فيه من جديد، حيث يمكن أن تقدم فائدة قائمة بذاتها عبر تيوتر وفي نفس الوقت تروج للمحتوى الأصلي المنشور في الموقع أو المدونة، وأنت بذلك قد حافظت على كلا الأمرين، نشرت المحتوى الرقمي في المكان المناسب له، وحافظت على نشاطك داخل الشبكات الاجتماعية.
تدوينات داعمة
يمكن حل مشكلة الموت البطيئ للمحتوى في الشبكات الاجتماعية وذلك عبر ربط بعض المحتوى بمقالات أو تدوينات في الموقع، لكن كيف ذلك؟
الفكرة مفيدة عندما يتم نشر بعض المحتوى المترابط في الشبكات الاجتماعية، مثلاً سلسلة فيديوهات في الفيسبوك تناقش مواضيع مشتركة، فالفيديوهات في الفيسبوك قد تنتشر وتصل لجمهور كبير في وقت قصير، لذلك يُفَضِل بعض صناع المحتوى النشر فيه، لكن المشكلة أن تلك الفيديوهات قد تموت مع الأيام وتنزل أسفل الشريط الزمني حتى تختفي عن الأنظار، لذلك فأحد الحلول الفعالة هي كتابة تدوينة عبارة عن دليل يضم شتات ذلك المحتوى، تحتوي على مقدمة ثم تضمين لذلك المحتوى بشكل مرتب وجميل.
تعليقات اجتماعية
يمكن استخدام أداة الفيسبوك الخاصة بكتابة التعليقات داخل المواقع والمدونات، وذلك من أجل تخفيف العبئ على الموقع وتسهيل عملية إضافة التعليقات، وهنا يتعاون كلاً من الموقع والشبكة في إثراء المحتوى الرقمي، فالتعليقات يمكن أن تضيف الكثير لجسم المقالة عبر ترك وجهات النظر أو التجارب المتعلقة بموضوع المقالة.
في نهاية المطاف الموقع أو المدونة هو منزل رقمي تمتلك عقد ملكيته، بينما تلك الصفحات في الشبكات والمنصات ماهي إلا منازل مستأجرة، لديك عقد إيجار مجاني بخصائص محدودة، مع حق الإنتفاع من العقار لصالح المالك الأصلي (بعرض الاعلانات) وأنت فيها مقيد ليس لديك كامل الصلاحيات، فهل تفضل بذل الجهد الأكبر في ما تمتلكه أم في ما تستأجره.
* مصدر الصورة: freepik
التدوينة كيف تتكامل وتتعاون المواقع والمدونات مع شبكات التواصل الاجتماعية ظهرت أولاً على عالم التقنية.
0 تعليقات